فيلم "وحيدون هم الشجعان" هو نوع من المرثاة لعصر بأكمله ولسينما رعاة البقر ذاتها. والفترة التاريخية التي يعالجها الفيلم هي فترة انتهاء عصر رعاة البقر ضمن مجتمع الغرب المتوحش. هنا يجد بطل الفيلم راعي البقر نفسه امام مجتمع المدينة المنظم والمحكوم بالقوانين والحياة العصرية والذي استبدل بالسيارات والطائرات الحصان التقليدي.
في بداية الفيلم نتعرف على بطل الفيلم مع حصانه، حيث يشكل الاثنان رمزا للعهد القديم بما فيه من مفاهيم البطولة والحرية وعلاقات الطبيعة.
ثم نرى بطل الفيلم على حضانه يقطع البراري. لم تعد مشاعا للعابرين، بل تحولت الى املاك خاصة مسيجة ومحمية. غير ان بطل الفيلم لا يعي هذه التغيرات بل يستخف بها ويتابع طريقه بعد ان يقطع السياج. عندما يصل بطلنا الى المدينة سيفاجأ بالشوارع والسيارات العابرة بسرعة، وسيصاب حصانه بالهلع من حركة السيارات وسيجد صعوبة بالغة في الوصول الى هدفه.
فيما يعد ستتطور الاحداث وفق البنية التقليدية لأفلام رعاة البقر حيث يتحه بطلنا الى منزل صديق له استقر في المدينة وتزوج ولكنه الآن معتقل ويقرر البطل دخول السجن ويفتعل مشاجرة في مقهى (وهي مشاجرة تقليدية في مثل هذا النوع من الأفلام)، ثم يهرب من السجن لوحده بعد ان يرفض صديقه الهروب معه لانه يعرف في أي مجتمع يعيش. بعد الهرب تبدأ المطاردة.
البطل مع حصانه يحاول تسلق الجبال الوعرة التي ستقوده الى المكسيك والحرية (حسب خبرة وعيه السابقة)، ورجال البوليس يطاردونه بسياراتهم وطائراتهم وأسلحتهم. تحتل عملية المطاردة الثلث الأخير من الفيلم تقريباً وتمتلئ بالمغامرات التقليدية والمعارك التي يخرج منها البطل التقليدي الوحيد منتصرا.
غير ان نهاية الفيل ستتطور باتجاه آخر مأساوي الطابع. فمن بداية الفيلم وحتى نهايته يبني المخرج علاقة مونتاجية ما بين بطل الفيلم وحصانه وبين سائق شاحنة يقطع الطرقات ما بين المدن في مهمة روتينية مرهقة. ولا تتبين الصلة بين الشخصين الا في المشهد الاخير من الفيلم. فبعد ان يتمكن البطل من الهرب من مطارديه واجتياز الجبال الوعرة، يبقي عليه ان ينحدر ويقطع الطريق الاسفلتي ليعبر في الجانب الآخر من الطريق والذي سيقوده إلى حريته في المكسيك. ثم ينتظر حلول الظلام ليقرر اللحظة المناسبة للعبور. ويهطل ليلتها مطر غزير. وحين تحين اللحظة ويعبر تصدمه الشاحنة فيرتمي في الطريق جريحا هو وحصانه. لا هو بالحي ولا بالميت. يستلقي جريحا تحت المطر وهو في حالة ذهول لا يستوعب ما حصل. وتصل اخيرا سيارة الشرطة فيأمر الضابط مساعده بقتل الحصان الجريح اما البطل فتنقله سيارة الاسعاف وسط شفقة الناس المتجمهرين. تمثل هذه النهاية الرمزية والدالة ذروة الحدث. وتعكس من جهه، سخرية القدر ومن جهة اخرى تعبر عن الموقف الفكري والعاطفي للفيلم، الفكري الذي يشير الى اهمية وعي الواقع، والعاطفي الذي يشكل مرثاة لعصر بطولي انتهى أوانه.
تميز المشهد الأخير من الفيلم بقوة وعمق وحساسية اداء الممثل كيرك دوجلاس لدوره وللحظة المأساوية التي يعيشها. وركز المخرج على تعابير وجهه وحركة عينيه الذاهلتين وأبرز بشكل خاص تلك اللحظة التي انتفض فيها انتفاضة غير ملاحظة تماما لدى اطلاق الرصاص على الحصان.
ميزة هذا الفيلم الإضافية أنه استطاع أن يعبر عن افكار غير تقليدية من خلال شكل تقليدي وان يضفي على هذا الشكل سمة ابداعية وفرادة.